هيديو كوجيما، مبتكر ألعاب Metal Gear Solid وDeath Stranding، معروف بابتكاراته التي تتجاوز حدود الألعاب التقليدية، حيث يمزج بين الفلسفة، الرمزية، والخيال السينمائي بأسلوب فريد. لكن في تصريح حديث وصريح، كشف كوجيما عن واحدة من أغرب وأعمق أفكاره: لعبة “النسيان”، إضافة إلى خطوة غير مسبوقة تتمثل في تركه لوحدة تخزين USB تضم أفكارًا لمشاريع ألعاب يمكن تنفيذها بعد وفاته.
لعبة تنسى فيها شخصيتك كل شيء… كما ينسى الإنسان
في مقابلة مع مجلة Edge البريطانية ونُقل محتواها عبر موقع VGC، تحدث كوجيما عن هذه الفكرة التي بدأ بتطويرها ثم تراجع عنها مؤخرًا، لكنه لم يستبعد العودة إليها مستقبلاً. تتسم اللعبة بأن تبتعد فيها الشخصية الرئيسية عن مهامها وقدراتها وحتى علاقاتها كلما ابتعد اللاعب عن اللعبة لفترة طويلة، مما يعكس تجربة النسيان البشري الواقعية الناجمة عن الغياب أو الإهمال.
يرى كوجيما أن هذه الفكرة تكسر القواعد التقليدية في تصميم الألعاب، حيث تعتمد على التفاعل الزمني الحقيقي بين اللاعب والشخصية، مما يضيف بُعدًا نفسيًا ودراميًا جديدًا للعبة، ويحوّل تجربة اللعب إلى تجربة حسية تنقل الواقع الإنساني للذاكرة والنسيان.
تحوّل عميق.. ووعي بالموت في عمر الستين
السبب الذي دفع كوجيما للتفكير في هذه الأفكار الغريبة والعميقة يعود إلى تحوّل شخصي مؤثر خلال فترة جائحة كورونا. إذ يقول:
"بلوغ الستين لم يكن نقطة تحول كبيرة، بل كانت الجائحة وما مررت به من مرض وعملية جراحية في عيني، حينها واجهت حقيقة أنني لم أعد شابًا، وأن الموت أصبح حقيقيًا وقريبًا."
هذا الوعي بالموت جعل كوجيما لا يفكر فقط في نفسه، بل في مستقبل شركته "Kojima Productions"، فقام كأنف فنان يكتب وصيته الإبداعية، بتسليم وحدة تخزين USB تحتوي على أفكار لعشرات المشاريع التي يمكن أن تستمر الشركة في تطويرها حتى بعد رحيله.
وصية إبداعية.. ضمان استمرار الابتكار بعد الراحل
كوجيما لا يراها مجرد ملفات، بل وصية فنية تضمن ألا تتحول شركته إلى مجرد ماكينة لإعادة إنتاج نفس الأفكار مثل Metal Gear أو Death Stranding. بل يريدهم أن يحملوا شعلة الإبداع ويواصلوا تطوير أفكار جديدة مستوحاة من خياله.
"أخشى أن تصبح الشركة مجرد اسم بلا روح، ولا أريد ذلك. تركت لهم هذه الأفكار لكي لا يكرروا إنجازاتي، بل ليبدعوا كما فعلت."
حساسية فنية نادرة في عالم صناعة الألعاب التجارية
الشيء اللافت في هذا التصريح ليس فقط غرابة فكرة لعبة النسيان، بل إنسانية كوجيما واهتمامه بالمستقبل، وهو أمر نادر في صناعة الألعاب التي غالبًا ما تركز على الأرباح والعائدات السنوية. رجل يفكر في إرثه الإبداعي ويمهد الطريق ليظل اسمه مرتبطًا بالابتكار والعمق، حتى بعد رحيله.
هل سنرى لعبة النسيان حقيقة؟
قد لا يتحقق حلم كوجيما في حياته بإصدار لعبة النسيان، لكن وجود الفكرة ضمن "الوصية الرقمية" يعني أنها قد تُطوَّر في المستقبل من قبل فريقه أو من يتولى الشركة لاحقًا. لعبة يعكس فيها الغياب الحقيقي والخسارة الناتجة عن نسيان الزمن، كنوع من التذكير المرير بأن الزمن لا يرحم، سواء في الحياة أو داخل اللعبة.
رأيك مهم!
هل تعتقد أن لعبة تتضمن فقدان الذاكرة والنسيان ستكون تجربة ناجحة ومبتكرة؟ وهل تجد خطوة كوجيما بترك أفكاره لمشاريع مستقبلية بعد موته ملهمة تعكس حرصه على الإرث الإبداعي أم أنها تثير قلقك من احتمالات استغلال هذه الأفكار؟
شاركنا رأيك وتجربتك، لنفتح باب النقاش حول كيف يمكن للألعاب أن تلمس جوانب عميقة في الإنسان وتتفرد بتجارب غير مسبوقة.