هيديو كوجيما يعيد النظر في حلمه السينمائي... بنصيحة من غييرمو ديل تورو
من المعروف على نطاق واسع أن هيديو كوجيما، مخرج الألعاب الشهير وراء سلسلة Metal Gear Solid وألعاب Death Stranding، يمتلك شغفًا عميقًا بالسينما. هذا العشق لم يُخفه يومًا، بل أعلنه مرارًا من خلال منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي التي يشارك فيها تحليلاته حول الأفلام الجديدة، وميله الدائم لاستلهام اللقطات السينمائية في ألعاب الفيديو التي يصنعها. ولعل أبرز دليل على هذا الولع هو الطابع السينمائي المكثف في معظم أعماله، إلى درجة أن مشاهد الألعاب التي يخرجها توصف أحيانًا بأنها "أفلام داخل الألعاب".
ومع ذلك، يبدو أن كوجيما، الذي طالما تحدّث عن رغبته في إخراج فيلم، قد أعاد النظر في هذا الحلم – جزئيًا على الأقل – بناءً على نصيحة من صديقه المقرّب غييرمو ديل تورو، المخرج المكسيكي الحائز على جوائز أوسكار.
"الوقت المتبقي للإبداع"
في مقابلة جديدة ضمن العدد الأخير من مجلة EDGE، كشف كوجيما عن كواليس محادثة حميمة جمعته بكل من ديل تورو ونيكولاس ويندينغ ريفن (مخرج فيلم Drive وأحد ممثلي Death Stranding 2). تحوّل الحديث، كما وصفه كوجيما، إلى تأمل عميق حول العمر والإبداع، وعن كيفية استثمار ما تبقى من الوقت في المشاريع التي تعني للمرء شيئًا حقيقيًا.
قال كوجيما:
"أُعيد تقييم أولوياتي بشأن ما يجب أن أفعله. الحديث مع ديل تورو ونيكولاس كان عن الوقت المتبقي للإبداع في حياتنا."
وتابع قائلًا:
"لطالما راودني طموح إخراج فيلم. ولكن حين مرضتُ، بدأت أفكر: إذا أردت إخراج فيلم، فعليّ أن أبدأ في الستينيات من عمري. وهو أمر شاق جدًا من الناحية الجسدية والعقلية."
ديل تورو: لماذا تصنع فيلماً وأنت تصنع شيئاً أفضل؟
ما بدا أكثر تأثيرًا في قرار كوجيما كان ما قاله له غييرمو ديل تورو خلال هذه الجلسة، إذ علّق المخرج الكبير قائلًا:
"أنت تصنع ألعابًا بالفعل تحمل طابعًا سينمائيًا وتجريبيًا، فلماذا ترغب في تحويل ذلك إلى فيلم؟ ألعابك فريدة، وتُعبّر عنك أكثر مما سيفعله فيلم."
هذا النوع من الدعم المعنوي والتقدير من شخصية بارزة مثل ديل تورو، يبدو أنه منح كوجيما نظرة مختلفة لما يمكن أن يمثله الإنجاز الفني. بدلًا من ملاحقة حلم تقليدي في السينما، ربما يرى الآن أن الألعاب التفاعلية يمكن أن تكون وسيطًا سينمائيًا أكثر قوة من السينما نفسها – لأنها تدمج السرد البصري بالتجربة الشخصية للاعب.
من الألعاب إلى السينما... والعكس
من المثير أن هذه المراجعة الذاتية تأتي في وقت يُحاط فيه كوجيما بشخصيات سينمائية بارزة. فبالإضافة إلى ديل تورو وريفن، يضم طاقم Death Stranding 2: On the Beach أسماء هوليوودية كبيرة مثل ليزا دو، نورمان ريدوس، وإيلي فانينغ، وهو ما يعكس العلاقة العميقة التي بنى كوجيما بينها وبين عالم الأفلام.
لكن برغم ذلك، فإن قراره بعدم السعي وراء فيلم خاص به لا يعني التخلي عن السينما، بل الاحتفاء بها ضمن وسائط أخرى – ألعاب الفيديو، تحديدًا، والتي يستخدمها كوجيما لابتكار تجارب سردية لا يمكن للسينما التقليدية أن تقدمها.
خلاصة: الإبداع لا يحتاج إلى تغيير الوسيط
في النهاية، قرار كوجيما لا يعكس تراجعًا عن حلم، بل نضوجًا فنيًا ورغبة في التركيز على ما يُجيده ويحبّه بالفعل. وبعد مسيرة طويلة من الابتكار والتجريب، ربما يدرك كوجيما الآن أن اللعبة التفاعلية يمكن أن تكون فيلمه الأعظم – وأنه، في واقع الأمر، قد صنع بالفعل عدة "أفلام" لا تُنسى... ولكن بأسلوب كوجيما الخاص.